ثورة بوسطن 1689

ثورة بوسطن 1689
جزء من الثورة المجيدة
رسم يعود للقرن التاسع عشر لإلقاء القبض على الحاكم أندروس خلال ثورة بوسطن القصيرة.
معلومات عامة
التاريخ 18 أبريل 1689 (1689-04-18)[1]
البلد الولايات المتحدة  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
تسببت في دومينيون نيو إنجلاند،  وجيمس الثاني ملك إنجلترا  تعديل قيمة خاصية (P1542) في ويكي بيانات
الموقع بوسطن، ماساتشوستس
42°21′30″N 71°03′35″W / 42.3583°N 71.0597°W / 42.3583; -71.0597   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة حل دومينيون نيو إنجلاند والإطاحة بالنظام الموالِ لجيمس الثاني ملك إنجلترا[2]
المتحاربون
مُستعمرو بوسطن دومينيون نيو إنجلاند
القادة
سيمون برادستريت
كوتن ميذر
السير إدموند أندروس (أ.ح)
جون جورج (أ.ح)
القوة
2,000 ميليشيا
والكثير من المُواطنين[3]
قرابة 25 جندي[4] (أ.ح)
فرقاطة واحدة
خريطة

ثورة بوسطن أو انتفاضة بوسطن 1689 (بالإنجليزية: 1689 Boston revolt)‏ هي انتفاضة شعبية اندلعت في مدينة بوسطن بكومنولث ماساتشوستس بمنطقة نيو إنجلاند في شمال شرق الولايات المتحدة في 18 أبريل من عام 1689 ضد السير إدموند أندروس.[5][6] كانت هذه الانتفاضة جزءًا من الثورة المجيدة، التي نجحت في عزل الملك جيمس الثاني وتنصيب ابنته ماري وزوجها ويليام أورنج ملكين على إنجلترا إلى جانب إقرار وثيقة إعلان الحقوق عام 1689.[7]

نصبت الحكومة الإنجليزية وقتئذٍ إدموند أندروس حاكمًا مُنتدبًا على دومينيون نيو إنجلاند[8] عام 1686.[9] وجنى أندروس عداوةً شعبية[10] جراءً فرضه قوانين الملاحة التقييدية التي عسرت حركة التجارة،[11] وحجَّم المجالس المحلية في المدن وألغى ميثاق مُستعمرة خليج ماساتشوستس، الذي أدى بدوره إلى إنكار صحة سندات ملكية هذه الأراضي، فضلاً عن قيامه بتعيين ضباط نظاميين أثاروا سخط السكان لقيادة الميليشيات الاستعمارية، من بين إجراءات أخرى. وعلاوة على ذلك، أثار غضب التَطَهُريين في بوسطن حين روج للمذهب الأنجليكاني، وهو الأمر الذي لم ينل استحسان الكثير من سكان المُستعمرة المُنشقين عنها.[12][13] فقد احتشد جمع كبير من الميليشيات المحلية والمُواطنين بشكل مُنظم واحتُجزوا بعض مسؤولي الدومينيون.[14] كما احتجز المُتمردون أيضًا أعضاء الكنيسة الأنجليكانية، وذلك لتأييدهم للحكومة المُنتدبة لإدارة المنطقة كما اعتقد التَطَهُريون أو البيورتانيون.

لم يتكبد الطرفان أيَّ خسائر خلال أحداث الثورة، وأُطيح بالنظام الموالِ لجيمس الثاني وحُل دومينيون نيو إنجلاند[3] واستردت مستعمرة خليج ماساتشوستس[15] سيطرتها على الحكومة. فيما أُعيد مسؤولو الحكومات في الدومينيون إلى مناصبهم التي عُزلوا منها من ذي قبل.[16][17]

خلفية تاريخية

[عدل]
لوحة للسير إدموند أندروس (1637-1714) للرسامة الإنجليزية ماري بييل.
لوحة للملك تشارلز الثاني بريشة الرسام جون مايكل رايت.

في بداية العقد الثامن من القرن السابع عشر، شرع الملك تشارلز الثاني في اتخاذ الإجراءات لإعادة النظر في تنظيم مُستعمرات دومينيون نيو إنجلاند.[18] تم إلغاء ميثاق مستعمرة خليج ماساتشوستس في عام 1684، وذلك حينما رفض حكَامها التَطَهُريون الانصياع لأوامر الملك تشارلز الثاني بإجراء بعض الإصلاحات في المُستعمرة، حيث حاول تشارلز تنظيم عملية إدارة المُستعمرات الصغيرة ليقعوا في نهاية المطاف تحت سلطة التاج البريطاني،[19] ولكنه تُوفي في عام 1685 وخَلِفه وريثه الكاثوليكي جيمس الثاني، فأكمل عملية التنظيم لتنتهِ بإنشاء دومينيون نيو إنجلاند.[20]

في عام 1686، عُين السير إدموند أندروس، الحاكم السابق لمقاطعة نيويورك الاستعمارية،[21] حاكمًا للدومينيون.[22] وتألفت الدومينيون من أراضِ ومُستعمرات خليج ماساتشوستس وبليموث وكونيتيكت ونيوهامبشاير ورود آيلاند ومزارع بروفيدنس.[23] وقد امتد نطاق الدومينيون في عام 1688 ليشمل مُقاطعات نيويورك وشرق وغرب جيرسي.[24]

لوحة لمشهد سفينة ويليام الثالث وهي ترسو على مدينة تورباي
لوحة زيتية على القماش لويليام الثالث الحاكم الأعلى لجمهورية هولندا برفقة زوجته الملكة ماري.
لوحة زيتية على القماش لجيمس الثاني.

لم يحظ حكم أندروس في نيو إنجلاند بأيَّة شعبية على الإطلاق. فقد أغفل التمثيل المحلي، وأنكر شرعية سندات ملكية الأراضِ القائمة في ماساتشوستس، والتي اعتمدت على ميثاق مُستعمرة خليج ماساتشوستس القديم، كما قام أندروس بتحجيم عقد المجالس المحلية في المدن فضلًا عن الترويج للكنيسة الأنجليكانية في مناطق يقطنها الأغلبية التَطَهُرية.[25] وفرض أندروس قوانين الملاحة التي لم تكن مُواتية لاستمرار وجود بعض الأنشطة التجارية في منطقة نيو إنجلاند.[26] كما كان يتعرض أفراد القوات الملكية المُتمركزة في بوسطن، غالبًا، لسوء المعاملة من قبل بعض الضباط، الذين كانوا مُؤيدين للحاكم المُنتدب وكثيرًا ما كانوا من الأنجليكانيين أو الكاثوليكيين.[27]

في تِلكَ الأثناء، تضائلت شعبية جيمس الثاني بشكل مُتزايد في إنجلترا، حيث نفَّر المُحافظين الداعمين له مع مُحاولاته الرامية إلى تخفيف قوانين العقوبات،[28] كما أصدر إعلان التسامح في عام 1687، والذي مهد لخلق جو يُقر بحرية العقيدة، وهي الخطوة التي لاقت مُعارضة رجال الكنيسة الأنجليكانية. وقد شعر عدد من البرلمانيين بالقلق حيال ازدياد قوة الجيش النظامي بفضل الملك، الذي قام بتعيين كاثوليكيين في مناصب عسكرية حيوية مما يهدد سلطتهم كقوة سياسية.[29][30] حاول جيمس تعيين بعض المُؤيدين له في البرلمان لاستصدار إلغاء لمرسوم الاختبار، الذي نص على خضوع الأشخاص المُتقدِمين لشغل العديد من الوظائف الحكومية إجباريًا لاختبار ديني وأن يكونوا من أتباع المذهب الأنجليكاني.[31][32] نحى البعض من كل من اليمينيّين والمُحافظين خلافاتهم السياسية جانبًا وتآمروا على عزل جيمس الثاني، وخاصةً بعد ميلاد جيمس وريثًا مُحتملًا له في عام 1688،[33] وتولية خَتَنه البروتستانتي ويليام الثالث، الحاكم الأعلى لجمهورية هولندا.[34] وافق الأمير الهولندي، الذي حاول مرارًا وتكرارًا بلا جدوى إقناع جيمس بإعادة النظر في سياساته،[35] على غزو البلاد؛ وبذلك التحالف اندلعت الثورة البيضاء في نوفمبر وديسمبر من عام 1688،[36] والتي انتهت بتنصيب ويليام أورنج وزوجته ماري ابنة جيمس الثاني ملكين على إنجلترا.[37]

شكَل بعض القادة من رجال الدين تحت قيادة الكاهنين البيورتانيين كوتن وإنكريس ميذر الساخطين على حكم السير إدموند أندروس كتلة مُعارضة لمُحاولة التأثير على البلاط الملكي في لندن. أرسل إنكريس ميذر عقب إعلان التسامح رسالة امتنان إلى الملك، كما أشار على قساوسة ماساتشوستس أن يعربوا عن عرفانهم حتى يظفروا بنفوذ ومكانة عند الملك.[38] وبالفعل أجمع عشرة قساوسة على ذلك، كما اتفقوا على إرسال إنكريس ميذر إلى إنجلترا لعرض شكواهم وموقفهم من أندروس أمام البلاط الملكي.[39] حاول وزير الدومينيون إدوارد راندولف مرارًا وتكرارًا إحباط مجهودات ميذر بما في ذلك رميه بالباطل بتُهم جنائية، إلا أن ميذر وبعض مُمثلي ماساتشوستس هربوا سرًا على متن سفينة مُتجهة إلى إنجلترا في أبريل 1688،[40] حيث استقبلهم الملك جيمس الذي تعهد لهم في أكتوبر 1688 باتخاذ ما يلزم لمُعالجة شؤون المستعمرة؛ ولكن سرعان ما تعثَّر كل ذلك بمجرد اندلاع أحداث لثورة.[41]

تقدم مُمثلو ماساتشوستس بطلب للملك والملكة ومجلس اللوردات للتجارة، الذي تم تغييره لاحقًا إلى مجلس التجارة والذي أشرف بدوره على شؤون المُستعمرات، لإعادة العمل بميثاق مُستعمرة خليج ماساتشوستس. إضافة إلى إقناع ميذر لمجلس اللوردات للتجارة بعدم إعلام أندروس بحدوث الثورة في إنجلترا.[42] وقد أرسل بالفعل ميذر وقتئذٍ خطابًا يُخطر فيه سيمون برادستريت، أحد الحكام المُنتدبين السابقين، بأنباء عن تقرير تم إعداده قبل اندلاع الثورة يُفيد بأن إلغاء الميثاق بات غير قانوني وبأنه على الحكام «إعداد أذهان العامة لحدوث تغيير مُرتقب».[43] وردت إشاعات عن حدوث ثورة تناقلها بعض الأفراد في بوسطن قبل أن ترد الأنباء بشكل رسمي. وقد كتب جون نيلسون، أحد تجار بوسطن الذي يلعب دورًا بارزًا في الانتفاضة خطابًا في آواخر مارس يصف فيه ما حدث من أحداث،[44] كما حث ذلك الخطاب بعض القيادات السياسية والدينية البارزة الناقمة على حكم أندروس في ماساتشوستس.[45]

تلقى أندروس تحذيرًا من اندلاع ثورة مُحتملة ضده في أثناء قيادته حملة لتحصين بيماكويد، والتي تعرف اليوم بمدينة بريستول في ولاية مين، عازمًا حمايتها من هجمات الفرنسيين والهنود الحُمر. وفي يناير 1688-1689،[ا] تلقى أندروس خطابًا من جيمس الثاني يصف له فيه مدى تعاظُم قوة الهولنديين العسكرية.[46] فأصدر بيانًا في العاشر من يناير يحذر فيه من إثارة البروتستانت القلاقل والشغب في الدومينيون ويحرم الخروج في انتفاضة ضد الحاكم.[47] تكونت حملته العسكرية التي قادها في بيماكويد من أفراد الجيش البريطاني النظامي ومليشيات مُؤلفة من سكان مين وماساتشوستس التي كانت طوع أوامر القادة النظاميين ونظامهم الصارم مما خلق فجوة بين القادة وجنود الميليشيات.[48] عاد أندروس في منتصف مارس من حملته العسكرية في مين إلى بوسطن فور استشعاره خطورة الموقف هناك حيث تلقى تقارير سرية عن عقد الأهالي للاجتماعات وعن اندلاع الثورة.[27][46] وبينما روج أندروس للشائعات في مين أن ما يحدث في بوسطن ما هو إلا جزء مما يُسمى بـالمؤامرة البابوية، تمردت الميليشيات المُؤلفة من سكان مستعمرة ماساتشوستش على القادة وعادوا إلى ديارهم.[49] وعندما وصلت نسخة من البيان المُعلن عقب الثورة في إنجلترا إلى بوسطن في بداية أبريل؛ اعتقل أندروس الرسول الذي نشر البيان، فانتشرت تلك الأنباء بين العامة، فكانت بمثابة سكبًا للزيت على النار.[50] وفي السادس عشر من أبريل، أرسل أندروس خطابًا إلى قائده المُفوض في بيماكويد يُخبره فيه أنه «هناك عجيج بين الجماهير مُفعم بأمل عودة العمل بذلك الميثاق القديم»، كما أنه أعد العدة لاعتقال الجنود المُتمردين العائدين إلى ديارهم وإرسالهم مرة أخرى إلى مين على متن سفن.[51] ولم تفلح التهديدات باعتقال مليشيات المستعمرة إلا في زيادة تفاقم التوتر بين أهالي بوسطن وحكومة الدومينيون.[52]

الثورة في بوسطن

[عدل]
رسم تفصيلي، يعود إلى عام 1692، يوضح شبه جزبرة بوسطن في أقصى اليسار وشبه جزيرة تشارلزتاون في الأعلى وجزيرة القلعة في أدنى اليسار. ويقع حصن ماري على الجانب الأدنى من يسار شبه جزيرة بوسطن.
مبنى إدارة حي تشارلزتاون سابقًا عام 1870.

بدأت مجموعة من الميليشات في الاحتشاد في تمام الساعة الخامسة صباحًا خارج بوسطن في حي تشارلزتاون، الذي يقع على مر الجانب الآخر من نهر تشارلز وعند بلدية روكسبري التي تقع على نهاية المضيق الذي يربط بين بوسطن والبر الرئيسي من القارة الأمريكية.[ب] وفي تمام الثامنة صباحًا، ركبت الميليشيات، التي تجمهرت عند تشارلزتاون، القوارب لتعبر النهر، بينما تحركت الميليشيات التي احتشدت عند روكسبري في مسيرة إلى المدينة مُباشرةً. وفي الوقت ذاته، قام بعض المتآمرين، المُنتمين إلى شركة ماساتشوستس القديمة للمدفعية الثقيلة، باقتحام منازل قارعي طبول الحرب المُنتمين لكتائب الجيش النظامي واستولوا على أدواتهم. وقد انضم عدد كبير من الجماهير بشكل متزايد لمجموعة الميليشيات المحلية حيث احتشدوا في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحًا ومن ثَمَ بدأوا في أسر قادة المنطقة وعدد من الضباط.[53] وفي نهاية المطاف، قاموا بحصار حصن ماري حيث يقبع أندروس.[54]

كان أول المُعتقلين جون جورج قبطان إتش إم إس روز الذي رسا بسفينته ما بين الساعة التاسعة والعاشرة صباحًا ليجد نفسه في مواجهة مجموعة من الميليشيات، وفي ذلك الحين انضم أحد العاملين بنجارة السفينة إلى الحُشود المُتمردة.[53] وعندما طلب جورج إلقاء نظرة على أمر اعتقاله، قاموا بإشهار سيوفهم في وجهه وتم وضعه تحت الحراسة. وفي تمام الساعة العاشرة، كان قد أُلقي القبض على معظم الموظفين الحكوميين والعسكريين، فيما فر البعض منهم إلى جزيرة القلعة التي تقع في جنوب بوسطن أو إلى بعض المناطق العسكرية الحصينة. وحاصرت الجموع بعض الأنجليكانيين، بما فيهم حارس الكنيسة وصيدلاني.[4] وفي وقت ما قبل ظهيرة ذلك اليوم، رُفعت راية برتقالية اللون فوق بلدية بيكون هيل لتُشير إلى وصول 1500 جندي آخرين من الميليشيات للمدينة. واصطفت القوات في محيط سوق المدينة لقراءة البيان الذي أعلن فيه القادة تأييدهم لمُبادرة ويليام أورنج النبيلة وثورتهم ضد المؤامرة البابوية التي انكشف أمرها.[55]

بيان رسمي يطالب السير إدموند أندروس بالاستسلام

شددت زعامة مُستعمرة ماساتشوتس بقيادة الحاكم السابق سيمون برادستريت على ضرورة استسلام الحاكم أندروس حفاظًا على سلامته، وذلك ما ستغفل عنه الجماهير.[56] ولكنه رفض الأمر وحاول الهروب على متن سفينة روز. اعترضت الميليشيات سبيل إحدى المراكب الصغيرة التي جنحت إلى الشاطئ من سفينة روز، كما أُجبر أندروس على العودة إلى حصن ماري.[57] ووافق أندروس على مُغادرة الحصن، تحت الحراسة بعد أن تلقى ضمانًا بحُسن مُعاملته، لإجراء مُفاوضات مع مجلس المُتمردين المُنعقد في دار البلدية. ووفقًا لوصف مصدر مجهول للحوار الذي تم بين أندروس والمُتمردين، فقد أخبروه حرفيًا «بأن مقاليد الحكم باتت في أيديهم» وأنه رهن الاعتقال.[58][59][60] وبالفعل، أُودع في منزل جون أوشر، أحد مسؤولي الدومينيون، تحت المُراقبة المُشددة.[61]

وعلى خلاف ذلك، رفضت سفينة روز وحصن ويليام بجزيرة القلعة الاستسلام في بادئ الأمر. وفي يوم 19، ذِيع بين أفراد طاقم روز أن قبطان السفينة قد خطط الاتجاه بالسفينة إلى فرنسا حيث يقبع الملك المعزول جيمس الثاني. ووقع اشتباك بعد ذلك، وقام البروتستانت من بين أفراد الطاقم بتفريغ السفينة من جميع تجهيزاتها؛ حيث رأت القوات في جزيرة القلعة ذلك الأمر واستسلمت.[62]

حصاد الثورة

[عدل]

سقط حصن ماري يوم التاسع عشر من أبريل حيث نُقل أندروس من منزل جون أوشر إليه. واحتُجز مع جوزيف دادلي وبعض مسؤولي الدومينيون حتى السابع من يونيو حين تم نقل أندروس إلى جزيرة القلعة.[63] ذِيع على نطاق واسع أن أندروس حاول الهروب مُتنكرًا في زي امرأة.[64] وذلك ما نفاه روبرت راتكليف، وزير الأنجليكية في بوسطن، الذي أدلى بأن مثل هذه القصص «لا تمُت للواقع بصلة وليست إلا محض أكاذيب وافتراءات يُرَوج لها ولا تهدف إلا إلى تشويه صُورة الحاكم أمام شعبه».[65] ونجح أندروس بالفعل في الهرب من جزيرة القلعة في الثاني من أغسطس بعد أن قام خادمه بسقاية الحراس مشروبًا كُحوليًا. ونجح في الفرار إلى رود آيلاند، ولكنه اعتُقل بعد ذلك مرة أخرى ووُضع تحت الحراسة المُشددة.[66] ثم أُرسل إلى إنجلترا ليُحاكم بعد أن قضى هو ومن معه من مسؤولي الدومينيون عشرة أشهر في الأسر منذ اندلاع الانتفاضة.[67] ورفض مُمثلو ماساتشوستس في لندن توقيع الوثائق التي تحتوي على قائمة التُهم المُوجهة إلى أندروس، ولذلك تمت تبرئته وأُخلي سبيله سريعًا.[68] وبعد ذلك، عُين حاكمًا لمُستعمرتي فيرجينيا وماريلند.[69]

سقوط نظام الحكم المُوحد لدومينيون نيو إنجلاند

[عدل]
لوحة زيتية لإنكريس ميذر (1639-1723).
لوحة لسيمون برادستريت حاكم مُستعمرة خليج ماساتشوستس السابق من 1679 إلى 1686.

بلغت مُستعمرات نيو إنجلاند الأخرى بالدومينيون أنباء الإطاحة بأندروس، حيث عمل مسؤولو السلطات الاستعمارية السابقة، الذين تولوا مناصبهم قبل توحيد إدارة المستعمرات، إلى إعادة حكوماتها مرة أخرى إلى السلطة.[70] فبينما استند الحكم في رود آيلاند وكونيتيكت إلى مواثيقهم القديمة، عاد الحكم في ماساتشوستس مرة أخرى للاستناد إلى الميثاق الأول الذي تم إبطاله من ذي قبل، بعد أن تولت لجنة مُؤقتة مُؤلفة من القضاة ومسؤولي مُستعمرة خليج ماساتشوستس والغالبية العُظمى من أعضاء مجلس الحكم في عهد أندروس مقاليد الحكم.[71] وحُل المجلس بعد أن استشعر بعض زعماء بوسطن نفوذ المُتمردين المُتطرفين على قراراته. أما مُستعمرة نيوهامبشاير فقد تُركت دون حكومة رسمية، ووقعت تحت الهيمنة الفعلية لمُستعمرة ماساتشوستس وسيمون برادستريت الذي كان حاكمها وقتئذٍ.[72] بينما لم يتغير أي شئ من نظام الحكم القديم في مُستعمرة بليموث.[73]

نجح أندروس أثناء اعتقاله في إرسال خطاب مضمُونه طلب المُساعدة من قائم مقامه فرانسيس نيكلسون المُتمركز في نيويورك.[74] وتلقى نيكلسون الخطاب في مُنتصف شهر مايو، إلا أنه لم يكن في وسعه المُساعدة حيث أن معظم قواته قد أُرسلت إلى مين، كما تزايدت حدة التوتر في نيويورك مما لم يسمح له باتخاذ أي إجراء فعَّال تجاه المسألة.[75] ثم أطاحت به بعد ذلك مجموعة المُنشقين بقيادة جاكوب لايزلر وفر إلى إنجلترا.[76] تولى لايزلر حُكم مُقاطعة نيويورك حتى عام 1691،[77] حيث أُرسلت قوات بقيادة هنري سلوتر الحاكم المكلف من قِبل الملك ويليام والملكة ماري.[78][79] وحُوكم لايزلر بتهمة الخيانة العظمى وحُكم عليه بالإعدام.[80]

لم يبذل المُسئولون الإنجليز جهدًا إضافيًا لاستعادة السيطرة في مُستعمرات نيو إنجلاند بعد قمع حركة التمرد التي قادها لايزلر وإعادة الحكومات الاستعمارية إليها؛ ولم تتجلَ بعد ذلك أي مُحاولة لإعادة نظام الإدارة المُوحدة للدومينيون.[81] وبينما بات اعتقال أندروس أمرًا واقعًا، اتخذ النقاش في إنجلتر مسارًا مُختلفًا، حيث اتجه إلى مسألة ماساتشوستس ومِيثاقها الذي تم إبطاله مما أدى في نهاية المطاف إلى إنشاء مقاطعة خليج ماساتشوستس في عام 1691، حيث ضم مُستعمرة بليموث وبعض الأجزاء من مقاطعة نيويورك مثل نانتوكيت ومارثا فينيارد وجزر إليزابيث وبعض الأجزاء من مقاطعة مين. وقد باءت محاولات إنكريس ميذر لإعادة حكم البيورتانيين مرة أخرى بالفشل، حيث نص المِيثاق الجديد على أن يكون الحاكم مُعينًا من قِبل إنجلترا كما دعا إلى التسامح الديني بين الأهالي.[82][83]

ملاحظات

[عدل]
  1. ^ في ذلك الوقت كان التقويم اليوليواني هو التقويم المعمول به في إنجلترا والمستعمرات التابعة لها، ولذلك فقد بدأ العام الجديد في الخامس والعشرين من مارس؛ ولكي لا يختلط الأمر على البعض في السياقات الأخرى التي تستخدم التقويم الجريجوري، يتم كتابة تواريخ فترة ما بين الأول من يناير والخامس والعشرين من مارس بسنتين مختلفتين.
  2. ^ كان كل من تشارلزتاون وروكسبري في ذلك الوقت منطقتين مُنفصلتين وليستا أجزاء من بوسطن.

مصادر

[عدل]
  1. ^ Nicholas Canny, Nicholas P. Canny, Alaine Low. The Oxford History of the British Empire: Volume I: The Origins of Empire.OUP Oxford, 2001. p. 20 نسخة محفوظة 2018-01-30 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ Christina K. Schaefer. Genealogical Encyclopedia of the Colonial Americas: A Complete Digest of the Records of All the Countries of the Western Hemisphere. Genealogical Publishing Com, 1998. p. 15 نسخة محفوظة 2018-01-30 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ ا ب 1689 Boston Revolt نسخة محفوظة 2018-01-30 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ ا ب Lustig, p. 192
  5. ^ Edward L. Ayers, Lewis L. Gould, David M. Oshinsky, Jean R. Soderlund. American Passages: A History of the United States, Volume 1: To 1877, Brief. Cengage Learning, 2011. p. 55 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ Jesse Russel, Ronald Cohn. 1689 Boston Revolt. 2013
  7. ^ Edward L. Ayers, Lewis L. Gould, David M. Oshinsky, Jean R. Soderlund. Cengage Advantage Books: American Passages: A History of the United States. Cengage Learning, 2009. p. 67 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ What Was the Dominion of New England? نسخة محفوظة 11 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  9. ^ Sir Edmund Andros (1637–ca. 1714) نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ Abby Chandler. Law and Sexual Misconduct in New England, 1650-1750: Steering Toward England. Routledge, 2016 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ Andrew Robertson. Encyclopedia of U.S. Political History. SAGE. 2010 نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ Carol Berkin, Christopher Miller, Robert Cherny, James Gormly. Cengage Advantage Books: Making America, Volume 1 To 1877: A History of the United States.Cengage Learning, 2015 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ Puritan New England: Massachusetts Bay نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ The Great Boston Revolt of 1689 نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ History of the Massachusetts Bay Colony نسخة محفوظة 02 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ Alan Taylor. Colonial America: A Very Short Introduction. Oxford University Press, 2012 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  17. ^ "1689 Boston Revolt." 1689 Boston Revolt. Beautiful World, 2011. Web. 05 Dec. 2013
  18. ^ Lovejoy, pp. 148–156
  19. ^ Lovejoy, pp. 155–157, 169–170
  20. ^ Lovejoy, p. 170
  21. ^ William Pencak. Historical Dictionary of Colonial America. Scarecrow Press. 2011 نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ Sir Edmund Andros ENGLISH COLONIAL OFFICIAL نسخة محفوظة 22 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  23. ^ Barnes, pp. 46–48
  24. ^ Barnes, p. 223
  25. ^ Lovejoy, pp. 180, 192–193, 197
  26. ^ Barnes, pp. 169–170
  27. ^ ا ب Webb, p. 184
  28. ^ Miller, pp. 162–164
  29. ^ Lovejoy, p. 221
  30. ^ Webb, pp. 101–107
  31. ^ 'Charles II, 1678: (Stat. 2.) An Act for the more effectuall preserving the Kings Person and Government by disableing Papists from sitting in either House of Parlyament.', Statutes of the Realm: volume 5: 1628–80 (1819), pp. 894–96. URL: http://www.british-history.ac.uk/report.asp?compid=47482. Date accessed: 6 March 2007. نسخة محفوظة 2007-09-28 على موقع واي باك مشين.
  32. ^ Miller, p. 178
  33. ^ Miller, p. 186
  34. ^ Lustig, p. 185
  35. ^ Miller, p. 176
  36. ^ Paul Boyer, Clifford Clark, Joseph Kett, Neal Salisbury, Harvard Sitkoff. The Enduring Vision: A History of the American People, Volume I: To 1877.Cengage Learning. 2007. P. 89 نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  37. ^ Lovejoy, pp. 226–228
  38. ^ Hall, pp. 207–210
  39. ^ Hall, p. 210
  40. ^ Hall, pp. 210–211
  41. ^ Hall, p. 217
  42. ^ Barnes, pp. 234–235
  43. ^ Barnes, p. 238
  44. ^ Steele, p. 77
  45. ^ Steele, p. 78
  46. ^ ا ب Lustig, p. 182
  47. ^ Webb, p. 182
  48. ^ Webb, p. 183
  49. ^ Webb, p. 185
  50. ^ Lustig, p. 190
  51. ^ Webb, pp. 186–187
  52. ^ Webb, p. 187
  53. ^ ا ب Webb, p. 188
  54. ^ Lustig, pp. 160, 192
  55. ^ Webb, pp. 190–191
  56. ^ Lustig, p. 193
  57. ^ Webb, p. 191
  58. ^ Craig A. Doherty, Katherine M. Doherty. Massachusetts. Infobase Publishing. 2005. PP. 53-55 نسخة محفوظة 24 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  59. ^ Palfrey, p. 586
  60. ^ Webb, p. 192
  61. ^ Lustig, pp. 145,197
  62. ^ Webb, p. 193
  63. ^ Michael G. Hall, Lawrence H. Leder, Michael Kammen. The Glorious Revolution in America: Documents on the Colonial Crisis of 1689. UNC Press Books. 2012
  64. ^ Fiske, p. 272
  65. ^ Lustig, pp. 200–201
  66. ^ Lustig, p. 201
  67. ^ Lustig, p. 202
  68. ^ Kimball, pp. 53–55
  69. ^ Lustig, pp. 244–245
  70. ^ Palfrey, p. 596
  71. ^ Lovejoy, pp. 247, 249
  72. ^ Tuttle, pp. 1–12
  73. ^ Lovejoy, p. 246
  74. ^ What Happened?: The eighteenth century, Volumen 2. ABC-CLIO, 2011 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  75. ^ Lustig, p. 199
  76. ^ Lovejoy, pp. 255–256
  77. ^ Encyclopædia Britannica, "Leisler, Jacob"
  78. ^ Encyclopædia Britannica, "Leisler, Jacob"
  79. ^ Lovejoy, pp. 326–338
  80. ^ Lovejoy, pp. 355–357
  81. ^ Evans, p. 430
  82. ^ Evans, pp. 431–449
  83. ^ Barnes, pp. 267–269

مراجع

[عدل]